محمد المفتي (مواليد دمشق 1976) فنان ومعماري وموسيقي وأستاذ في جامعة الألبا. انتقل إلى فرساي ، فرنسا في عام 1994 لمتابعة دراسته في الهندسة المعمارية، حيث تخرج، وفتح مكتبه الخاص وفي الوقت عينه كان يعمل على لوحاته الخاصة.
أقام محمد المفتي أول معرض له في فرنسا عام 2003.
لغاية 2011 كانت أعماله عبارة عن فن تجريبي الى أن بدأت الأحداث في سوريا، ولمس الواقع من خلال مشاهد الفقر والاغتيالات والحروب، عندها رأى بأنه من الضروري توثيق هذه الأحداث والمراحل كافة بموضوعية بعيدا عن رأيه الشخصي أو ميوله السياسي.
في شتاء 2020 أقام معرض في باريس بعنوان Anamnèse حيث وثّق فيه أحياء ورموز وطنه الأم سورية.
أما اليوم فهو مقيم في لبنان، وقد افتتح معرضه الرابع هنا في غاليري 392 رميل 393 (الجميزة/ بيروت) بعنوان "ومن ثم السكون"، الذي يضم 21 لوحة و10 اسكتشات، وهو بمثابة أرشيف بصري لبيروت منذ بداية ثورتها في 17 تشرين الأول/ أكتوبر 2019 حتى يومنا هذا.
قمنا في مودرن أرابسك بزيارة المعرض ومحاورة الفنان محمد المفتي، اليكم تفاصيل المقابلة:
بداية" لماذا اخترت لبنان كموضوع لهذا المعرض؟
أعتبر لبنان "bouée de sauvetage" , بلد نوعا ما هادئ الى أن بدأت مشاكل الدولار والفقر والجوع، وتصريف الناس من أعمالها، فكان من الضروري أن ألقي الضوء على هذه المشاكل، فرسمت أول لوحة في حزيران 2019 .
وبالتالي كانت الأحداث سريعة جدأ في لبنان، "ما لحق خلص لوحة يصير في حدث جديد".
وكمواطن سوري مقيم في لبنان أصبح هنالك رابط قوي جدا مع هذا البلد.. حب وكره في نفس الوقت، ومن واجبي كأجنبي أن أضع بصمتي الخاصة، كنظرة خارجية للأحداث التي تحصل بعيدا عن أي حزب أو انتماء.
ماذا كانت ردة فعل اللبنانيين، خاصة وأنك سوري الجنسية تقوم بتجسيد الوضع اللبناني؟
أنا مقيم في لبنان منذ 8 سنوات، البعض من الناس نسي أني من الجنسية السورية وبالأخص لأنني أستاذ في جامعة الألبا وأتكلم اللغة الفرنسية، أما المقربين والذين يعرفونني شخصيا" فرحوا ووجدوا بأنه أسلوب منفتح جداّ، أما قسم آخر عبر بطريقة سلبية.
كيف كان الإقبال على المعرض؟ مثل توقعاتك؟
لا, بل أكثر.
ولو ما الحالة المادية الصعبة والاغلاق جراء جائحة فيروس الكورونا وخوف الناس من التجمعات، لكان المعرض سيكتظ بالناس أكثر.
من بين جميع هذه اللوحات، أي منها أقرب اليك؟
لوحة بنك النحر المتوسط.
نلاحظ بأن السكتشات التجريدية تشبه الى حد كبير اللوحات، متى قمت برسمها؟
أبدأ عملي بسكتشات تجريدية سريعة للفكرة، ومع كل لوحة أقوم برسم 30 الى 40 سكتش بالحبر الهندي، وهي أيضا معروضة.
وبالمناسبة سكتش المطار هو المفضل لدي.
من خلال لوحاتك المعمارية رأينا كمية التناسق الهندسي والدقة والتنظيم، هل هذا يعبر عن أسلوب حياتك اليومية ؟
لا أعلم (ضاحكا")
أعتقد أنه في العادة الذي تراه عن طريق لوحة هو عكس الشخص أي تحاول تجسيد ما ليس من طباعك في اللوحة.
ماذا عن هذه الوجوه الثلاثة؟
"هيدي عصفورية".. كل وجه يعبر عن الحالة النفسية التي وصل اليها الشعب : الأول ذات خلل عقلي، الثاني مكتئب والثالث خائف.
وقد استغرب البعض من وجود هذه اللوحة ضمن كثافة معمارية، ولكن هذا ليس بمعرض معماري وأنا أحببت هذا التناقض انه عبارة عن تناغم بين الحجر والبشر.
ماذا عن البعد السياسي والاقتصادي الذي جسدته في لوحة الديمقراطية؟
قمت برسم هذه اللوحة قبل جائحة الكورونا، حيث يجلس رئيس البرلمان وحيدًا على كرسيّه مع قناع على وجهه ليكون ذلك رمزًا للتباعد ما بين الشعب والسلطة. وأتت بعدها جائحة الكورونا فوضع الشعب كافة القناع ما أدى الى تباعد اجتماعي وسياسي.
في نهاية حوارنا، ماذا تحب أن توجه كرسالة؟
ما يهمني هو قوة العمل أكثر من جماليته، لذلك من الضروري على الفنانين التوقف عن النظر الى الفن كأداة جمالية فقط ، بتنا الان نعيش في عصر قبيح ان كان من الناحية الأخلاقية، والسياسية, والاقتصادية والبيئية. لذلك من الضروري أن يكون الفن قبيح ولكن جميل من الناحية النظرية.
معرض "ومن ثم السكون" مستمر حتى 7 آب, ولكن يجب حجز موعد مسبقا، لذلك نشجعك على عدم تفويت هذه الفرصة، بمجرد دخولك إلى المعرض ، سترى لمحة موجزة عن الواقع الذي عشناه وما زلنا نعيشه ... كل لوحة تروي آلاف القصص ، وتعكس كيف انتقلنا من الضجيج إلى الصمت ، ومن التجمعات الشعبية إلى العزلة.
إنه لأمر رائع كيف تمكن المفتي في فترة قصيرة من الوقت ، من تحويل هذه الملاحظات إلى لوحات تعكس القوة والمثابرة وعدم الاستسلام والتضحية من أجل الحصول على وطن أفضل.
وأضاف المفتي أن هذا المعرض ليس نهاية هذا المسلسل وأنه يستعد لجزء ثان منه.
من فريق مودرن أرابسك نشكر محمد المفتي على وقته ونتطلع لأعماله المستقبلية.
مابيل ميلان
مودرن أرابسك