تشارك

معرض ما بعد الانطباعية في لوفر أبوظبي يجلب روائع فان غوخ وسورا إلى الإمارات

 

يواصل لوفر أبوظبي تقديم تجارب ثقافية من الطراز العالمي من خلال معرضه الجديد بعنوان “ما بعد الانطباعية: ما وراء المظاهر”. يستمر المعرض حتى ٩ فبراير ٢٠٢٥، وهو ثمرة تعاون مع متحف أورسيه، حيث يضم أكثر من ١٠٠ عمل فني من فترة ما بعد الانطباعية الشهيرة. من بين هذه الأعمال روائع لعدد من الفنانين الكبار مثل فينسنت فان غوخ وجورج سورا وبول جوجان، ما يمنح الزوار فرصة نادرة لاستكشاف إحدى أكثر الحركات الفنية تأثيرًا في التاريخ الفني هنا في الإمارات العربية المتحدة.

 

لوحات القيلولة وغرفة النوم في آرل لفان غوخ

 

من بين أبرز الأعمال الفنية في المعرض لوحتا القيلولة وغرفة النوم في آرل لفان غوخ. هذان العملان يمنحان لمحات عميقة عن العالم العاطفي والإبداعي للفنان. على سبيل المثال، تُعد القيلولة إعادة تفسير فان غوخ للوحة جان فرانسوا ميليه التي تعود إلى عام ١٨٦٦، حيث يجلب فان غوخ شدة عاطفية عالية للمشهد الريفي الهادئ. تم الانتهاء من هذه اللوحة بين عامي ١٨٨٩ و١٨٩٠ أثناء فترة إقامة فان غوخ في مصحة سان ريمي دي بروفانس. بينما يميل عمل ميليه نحو الواقعية، تأتي نسخة فان غوخ مليئة بالطاقة، مستخدمًا ألوانًا زاهية وضربات فرشاة درامية تلتقط حركة المشهد.

 

لوحة غرفة النوم في آرل، هي أيضًا من بين الأعمال المعروضة، وتُعد تصويرًا معروفًا للمساحة الشخصية البسيطة لفان غوخ في آرل. تتميز اللوحة باستخدامها المدهش للألوان، حيث تم تجسيد الجدران والأثاث بألوان زاهية ومتناقضة، ما يحول الأشياء اليومية إلى شيء غير مألوف.

 

تقنية النقطية لجورج سورا ولوحة ميناء إن باسين

 

يُعد الاستخدام الثوري لجورج سورا لتقنية النقطية من أبرز مواضيع المعرض، ولا سيما من خلال أعماله مثل ميناء إن باسين، المدخل الخارجي، المد العالي. اللوحة التي تعود إلى عام ١٨٨٨ وتستلهم من منظر بحري في نورماندي، تُعد قطعة نموذجية تُظهر تقنية سورا في تقسيم الألوان إلى نقاط فردية على القماش، مما يسمح للعين بمزجها. هذه الطريقة لا تضيف فقط دقة علمية للرسم، بل تخلق أيضًا إحساسًا بالملمس والعمق الذي كان فريدًا لحركة ما بعد الانطباعية.

 

رحلة تتجاوز أوروبا

 

من الجوانب المهمة في معرض “ما بعد الانطباعية: ما وراء المظاهر” هو إبرازه لمدى انتشار الحركة عالميًا. المعرض يتجاوز السياق الأوروبي ليظهر كيف أثرت تقنيات وأفكار ما بعد الانطباعيين على فنانين من أجزاء أخرى من العالم، بما في ذلك الشرق الأوسط. يُعد عمل الفنان الفرنسي المصري جورج حنا صباغ شهادة على هذا الإرث العالمي، حيث تتسم لوحاته بأساليب ما بعد الانطباعية التي تتكيف مع تجارب ثقافية وشخصية مختلفة.

 

تجربة جديدة للفن

 

يتميز تصميم المعرض بأنه غير خطي، مما يشجع الزوار على استكشاف الأعمال الفنية بوتيرتهم الخاصة. كل قسم مخصص لفنان مختلف، ما يسمح للزوار بتقدير المساهمات الفردية وكذلك الروابط التي تجمع بين الفنانين. على سبيل المثال، تُعرض أعمال بول سيزان وبول جوجان وهنري تولوز لوتريك في أقسام تُظهر كيف تأثر هؤلاء الفنانين بعضهم ببعض رغم عملهم بشكل مستقل.

 

تتوسط المعرض روتوندا مركزية تحتوي على شاشات تفاعلية متعددة الوسائط، مما يوفر للزوار فرصة الغوص في تاريخ وتقنيات كل فنان، ما يجعل التجربة تعليمية وغامرة في نفس الوقت. يمكن للزوار التعرف على لوحات الفنانين، واستكشاف رسائلهم، وتتبع رحلاتهم الفنية في سياق تأثيراتهم المتبادلة.

 

إرث ما بعد الانطباعية

 

معرض “ما بعد الانطباعية: ما وراء المظاهر” لا يقتصر على عرض الأعمال الفنية الشهيرة فقط، بل يُظهر كيف أن هؤلاء الفنانين الثوريين أعادوا تشكيل الفن الحديث وما زالوا يؤثرون في الأعمال الفنية المعاصرة. المعرض يُبرز التقنيات المبتكرة مثل ضربات الفرشاة التعبيرية لفان غوخ والأسلوب العلمي في استخدام الألوان لدى سورا، كما يوفر فهمًا أعمق لصراعاتهم الشخصية وطموحاتهم والسياقات الثقافية الغنية التي عملوا فيها.

 

الختام

 

لمحبي الفن الحديث، يُعد معرض “ما بعد الانطباعية: ما وراء المظاهر” تجربة لا تُفوت. يقدم المعرض استكشافًا غنيًا لكيفية دفع هؤلاء الفنانين حدود الفن التقليدي، مما أدى إلى تطوير أساليب وحركات جديدة. سواء كنت من عشاق الفن أو زائرًا عابرًا، هذا المعرض يقدم فرصة لمشاهدة التاريخ الفني يتجسد أمامك من خلال أعمال بعض أعظم الفنانين في كل العصور.