في خطوة متميزة تعزز مكانة الإمارات في المشهد الثقافي والفني العالمي، تم تعيين عزة أبو علام كقيّمة على الجناح الوطني لدولة الإمارات في بينالي البندقية للعمارة في دورته القادمة. يعتبر هذا التعيين إنجازًا تاريخيًا، حيث أصبحت أبو علام أول امرأة إماراتية تتولى هذا المنصب، مما يمثل علامة فارقة في المشهد الإبداعي في الدولة.
تأتي هذه الخطوة بعد مرور عقد من الزمن على بداية مسيرتها المهنية كمتدربة في الجناح الوطني خلال دورة بينالي البندقية لعام 2014. وعلّقت ليلى بن بريك، مديرة الجناح الوطني لدولة الإمارات، على هذا الحدث قائلة: “يسعدني أن أرى إحدى خريجات برنامج التدريب في بينالي البندقية تعود كقيّمة بعد 10 سنوات. يعكس هذا التعيين التزامنا المستمر بتعزيز النظام البيئي الفني والثقافي في دولة الإمارات، والطرق التي من خلالها يساهم الجناح الوطني لدولة الإمارات في صقل التراث الثقافي للدولة وضمان استمراريته في المستقبل.”
وأضافت أبو علام، أن عودتها للجناح الوطني كقيّمة تعتبر تحقيقًا لدورة مكتملة في حياتها المهنية: “كمتدربة، كنت أتعلم من كل شيء، من الناس، ومن كل تجربة وتفاعل. أنا متحمسة للعودة والمساهمة بطريقة مختلفة تمامًا.”
مهندسة معمارية وباحثة متميزة
تشغل عزة أبو علام حاليًا منصب أستاذة في جامعة زايد، وتم اختيارها بعد دعوة مفتوحة وجهت للأكاديميين والفنانين في جميع أنحاء الدولة. تم اختيارها من قبل لجنة تضم شخصيات رائدة في القطاع الإبداعي في الإمارات، مما يعكس قوة مؤهلاتها والتزامها باستكشاف التداخل بين العمارة والثقافة والبحث.
لا تقتصر مسيرتها على المجال الأكاديمي، فهي أيضًا مهندسة معمارية وباحثة متمرسة. شاركت في تأسيس استوديو هولسوم، وهو استوديو معماري وتصميم متعدد التخصصات مقره نيويورك والشارقة. وتعمل كمديرة للبحث في الاستوديو، إلى جانب زملائها من خريجي جامعة ييل، ديميتري براند وجيمس كولمان، حيث يمزجون بين الدراسات التاريخية والاجتماعية والبيئية لتصميم مساحات وأشياء تعزز التفاعل مع البيئة المحيطة.
رؤية تقييمية مستمدة من التراث الثقافي لدولة الإمارات
لمّحت أبو علام إلى ما يمكن أن يتوقعه الزوار من الجناح الوطني لدولة الإمارات في البينالي القادم، حيث أشارت إلى أن أبحاثها تركز على “أساليب الإنتاج الغذائي المحلي وتداخلها مع العمارة والبيئة المبنية”. تنبع هذه الرؤية من أبحاثها الواسعة حول التراث المادي لدولة الإمارات، مما يتماشى بشكل وثيق مع أعمالها السابقة.
تجسد رؤية أبو علام التزامها بفهم العلاقة المعقدة بين البيئة، والهندسة المعمارية، والمجتمع، وهو ما يظهر بوضوح في مشروعاتها السابقة. لقد كانت مساهمة نشطة في إثراء النقاش حول العمارة والثقافة في الإمارات، حيث تعاونت مع مبادرة العمارة التابعة لوزارة الثقافة. ونتيجة لأبحاثها الميدانية، نُشرت دراستها في كتاب عام 2019 بعنوان البحث عن مساحات التعايش: رحلة معمارية، والذي وثّقت فيه أكثر من 150 مبنى في جميع أنحاء الدولة لاستكشاف كيفية تداخل العمارة مع المجتمع كوسيلة لتحقيق التعايش.
وأوضحت أبو علام: “في ذلك الكتاب، زرت حوالي 150 أو 160 مبنى في جميع أنحاء الإمارات فقط لتوثيقها، ولمعرفة كيف يمكن للعمارة والمجتمع أن يتفاعلا داخل الهيكل المعماري حول موضوع التعايش.”
كما ساهمت في مؤلفات بارزة مثل كتاب مدينة العرض: كيف صنعت العمارة دبي (2020) وبناء الشارقة (2021)، مما جعلها واحدة من الأصوات الرائدة في السرد المعماري في الإمارات.
انعكاس لتراث الإمارات ومستقبلها
لا يمثل تعيين عزة أبو علام إنجازًا جديدًا للمرأة الإماراتية في مجال العمارة فحسب، بل هو أيضًا احتفاء بتراث الإمارات الثقافي والمعماري. وتعد رؤيتها البحثية والتقييمية بتقديم انعكاس غني لتراث الإمارات المادي، مع تقديم منظور مستقبلي للنقاشات العالمية حول العمارة.
في هذا السياق، قال الشيخ سالم بن خالد القاسمي، وزير الثقافة والشباب، تعليقًا على تأثير تعيين أبو علام: “سيعرض الجناح الوطني لدولة الإمارات أبحاثًا مبتكرة من الدولة، مما يجلب رؤى جديدة إلى الساحة الدولية. من المشجع أن نرى عقولنا اللامعة وسردياتهم المقنعة تتردد أصداؤها وتتفاعل مع الناس حول العالم.”
يُعرف بينالي البندقية للعمارة بمعارضه المثيرة للتفكير وتأثيره العالمي، مما يجعله منصة مثالية لعرض المشهد الثقافي الديناميكي لدولة الإمارات. ومع تولي عزة أبو علام زمام الأمور، يعد الجناح الوطني لدولة الإمارات في الدورة القادمة بأن يكون بيانًا قويًا حول التفاعل بين البيئة، والعمارة، والهوية الثقافية.
رحلة أبو علام من متدربة إلى قيّمة ترمز إلى نمو القطاع الإبداعي في الإمارات، والفرص التي يتيحها للمواهب الصاعدة. أبحاثها، التي تستمد جذورها من السياق المحلي للإمارات، لن تسهم فقط في المحادثات العالمية حول العمارة، بل ستسلط الضوء أيضًا على نهج الدولة الفريد في معالجة القضايا المعاصرة مثل الاستدامة، والحفاظ على التراث، والتماسك الاجتماعي.